وسائل جلب وإحراز النصر في المعارك الحقيقية والمواجهات بين الحق والباطل
القوة لا تجلب النصر الشجاعة لا تجلب النصر الكثرة والعدد لا يجلب النصر الحيلة والتخطيط لا يجلب النصر السلاح مهما كان تقدمه وقوته لا يجلب النصر جميع الأسباب المادية والمعنوية لا تجلب النصر ولا تتعدى كونها أسباب أمر بها الله للأخذ بها حتى تعكس صورة للآخرين لا يمكن أن يفهموها بغير هذه الأسباب..
فمثلاً الإنسان القوي الظالم المتجبر قد لا تؤثر فيه معجزة تحدث بدون سبب مثل ما يؤثر فيه جيش في عتده وعتاده ويمكن أن يرتدع بهذه الطريقة وما فيها من أسباب تغلبه وتدحره مرئية ومحسوسة ومشاهدة فيتأثر من هذا المشهد أكبر من تأثره بشيء يحدث بلا سبب ولهذا وضع الله العمل ببعض الأسباب..
الله سبحانه هو من يصنع ولا يريد أي شيء أن يشاركه في إثبات قدراته وقوته إلا من باب كونها أسباب لكي يستطيع الناس فهم قوة الله وقدرته من خلالها وإلا فإن الله هو المكتفي بذاته عن كل شيء سواه سواء كان هذا الشيء معنوي أو حسي..
لذلك عندما كان المؤمنون يصنعون الإنتصارات الكبيرة ويحرزون الغلبة ويهزمون جيوش كان عددها أضعاف عددهم بعشرات المرات لم يكونوا يحرزون هذا النصر بعدد ولا عدة ولك أن تتخيل جيش عدده ٣٠٠ شخص مقابل جيش عدده يفوق الـ ١٠٠ ألف بعتاده وعدته وما هي إلا ساعات أو أيام ويتحقق النصر للفئة القليلة فكيف كانت تحدث مثل هذه الإنتصارات؟..
إن الزمن هو الزمن والسلاح هو السلاح مهما بلغ من التطوير والتقنية يبقى الشيء واحد لا يتغير الذي يحقق النصر ويحرز الإنتصارات في شتى الميادين هو الله وحده رب الزمان ورب المكان ورب العبيد ورب الحديد..
لكن علينا أن ندرك أن النصر شيء ثمين خصوصاً إذا كان من فئة قليلة على جيش عظيم وجرار قد تم إعداده وتدريبه سنوات طائلة والتخطيط والتدبير وتأتي فئة لا تتجاوز عدد الأصابع بسلاح بسيط ويكون النصر لها داحرة كل العقول التي خططت وكل الجنود التي تدربت وكل الأسلحة التي صنعت وطورت فهل هذا أمر بسيط؟ الإجابة المتوقعة من كل ذي عقل أن هذا أمر عظيم ونعمة جزيلة يجب دراستها وتحليلها والثناء على مسديها كل الثناء..
إذن كيف تتحقق مثل هذه الإنتصارات؟ وكيف نهزم جبروت هذا العصر الذي طغى على كل خير بسلاحه الفتاك المدمر من قنابل ذرية وهيدروجينية تفتك بالأخضر واليابس وتشوه الأطفال والنساء ومن بنادق ورشاشات تضرب على مسافات بعيدة وتصيب الهدف بدقة متناهية ومن طائرات وصواريخ تسافر إلى أقصى بقاع الأرض مصيبة هدفها بتحكم عن بعد حتى لا يستطيع الضحية تمييز غريمه ولا من اعتدى عليه وغيرها وغيرها من وسائل الدمار والتعذيب والظلم..
المسألة هنا تكمن في أنفسنا والخلل يأتي من داخلنا ، ضعف إيماننا وثقتنا بالله ، الوازع الإيماني لدينا في ضعف وتقهقر بجانب إيماننا القوي بهذه الأسلحة وإعتقادنا الزائد بها ومدى تأثيرها والذي أخرجنا عن حدود كونها مجرد أسباب إلى حدود جعلتنا نعظمها ونخاف منها كأسباب أكثر من خوفنا من الله ونجعل لها التأثير الكامل ولا نترك لله شيء..
إذن نحن بهذه الطريقة نرتكب خطأ فادح في حق الله وتوحيده وعبوديته ، فالشيء الأول الذي يجب علينا فعله هو تصحيح عقيدتنا بالله تصحيح شامل كامل ، فيجب علينا أن نعيد دراسة التوحيد والعقيدة من الصفر ونبدأ بتعلمها كما يبدأ الطفل الصغير في تعلم اللغة ، هنا نقوم بتصحيح أخطائنا في حق العقيدة الصحيحة والتوحيد السليم نعود إلى كتب العقيدة الخالية من الأخطاء والتشدد والرهبانية ونبدأ بأخذ الدين من منبعه الأصلي ومصدره الواحد الذي لا يتغير ولا يتبدل والذي يطمئن إليه القلب السليم والفطرة السليمة..
نبدأ كما بدأ رسولنا الكريم بإصلاح أنفسنا من الداخل بشتى الوسائل بالطريقة التي أصلح الرسول الكريم وأصحابه أنفسهم.
تخيل نفسك حاضر في عرض عسكري كبير لدولة عظمى وسلاح فتاك مثل أمريكا أو روسيا أو إسرائيل أو كوريا أو الصين أو غيرها هذا العرض يشمل منصة واسعة رؤوساء وقادة وجنرالات وجنود وضيوف وعامة من الشعب نساء وأطفال ورجال وشيوخ وكل عوامل التشجيع ويشمل ميدان واسع وجيش كبير فرق وكتائب عسكرية جوية وبحرية وبرية وطائرات تحوم على الأجواء مدنية وحربية وصواريخ في الأرض جاثمة ودبابات ومدرعات وسيارات بشتى الألوان الرهيبة والمخيفة والمغرية أيضاً ....
هذا الحفل يتخلله إلقاء كلمات حماسية ومدح واستفزاز وعرض قوى بشتى الوسائل من القائد إلى اقل رتبة الى الضابط الى الجندي الى المواطن إلى ضخامة الأسلحة الموجودة إلى المشاعر والأحاسيس التي تسيطر على كل شخص في هذا الحفل والعرض العسكري المدني العنيف ولك أن تؤلف كتاب بهذا..
كل هذه الأمور هي التي يريد الله تعالى منك أن تلتفت إليه فيها وتشعر وأنت تتعلم هذا الأشياء وتحضرها أن الله أكبر وأقوى من كل هذا وأن الله هو الأحق بالمتجيد والتعظيم والتقديس وحده وأن العزة لله وحده ولعباده الصالحين وأن الله هو الذي خلق هذا الإنسان الذي وصل إلى كل هذه الأسلحة وهذه العروض وهذا العلم وهذه الحضارة هنا يريد الله تعالى منك أن تكون أحاسيسك وانفعالاتك له وحده من خوف ورجاء وإنبهار وتعظيم وتقديس وذل وفقر وحاجة لا لأي إنسان أو أي مخلوق سواء كان حيوان أو جماد طير أو وحش أو آلة..
تعليقات